الانقسام بين حركتي فتح وحماس ليس وليد اللحظة وليس ناجماً عن اتفاق اوسلو او سيطرة حماس على قطاع غزة وطرد فتح منه فحسب بل هو صراع سياسي وعلى السلطة وعلى فلسفة المقاومة ومبدأ الارض مقابل السلام والتفاوض من اجل حل سلمي لمبدأ الدولتين وفق حدود العام 1967. ومع إطلاق الرئيس الاميركي دونالد ترامب العنان لصفقة القرن وتركيز العامين الماضيين ونيف من ولايته على كيفية تسييل وعوده الانتخابية للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والتي بدأت باعترافه بالقدس عاصمة وحيدة لما يسمى "دولة اسرائيل". ومع السعي المستمر لترامب لتكريس هذا الواقع وجعل من صفقة القرن امراً واقعاً عربياً واسلامياً، "ضرب" ترامب منذ ايام ضربته الجديدة باعترافه بالسيادة الصهيونية على الجولان الامر الذي يعدم كل مساعي السلام المزعوم او الارض مقابل السلام اي احراج فتح وكل الدول العربية والاسلامية والخليجية خصوصاً التي كانت تنادي بالسلام مع العدو والعداء الايران.
هذه القراءة تشير اليها اوساط بارزة في محور المقاومة وتتابع لتقول ان حركة فتح ليس هي المأزومة فلسطينياً وحدها مع سقوط خيار التسوية واستمرار الانقسام مع حماس ليبلغ مستويات كبيرة في الداخل الفلسطيني الى حد تزويد المخابرات الفلسطينية المخابرات الصهيونية عن الشهيد عمر ابو ليلى الذي ارق العدو واوجعه الى درجة كبيرة. وتقول الاوساط ان التنسيق الامني من جانب فتح والسلطة مع العدو وآخره التبليغ عن مكان وجود المقاوم ابو ليلى امر، اغضب عموم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وارخى نقطة سوداء في سجل السلطة ويعمق هوة الخلاف بين المقاومة الفلسطينية والسلطة الفلسطينية التي تدور في حلقة مفرغة كبيرة.
في المقابل تقول الاوساط ان حركة حماس ليست افضل حالاً مع ما يجري من حنق شعبي ضد ممارستها للسلطة في غزة بالاضافة الى الحصار القاسي الذي تمارسه اسرائيل من جهة ومصر من جهة ثانية ما جعل غزة بمحافظاتها الخمس نسخة كربونية عن الجحيم والعالم الذي لا يطاق. كما ان حماس ليست في افضل احوالها، اكان في الداخل على انقسامها مع السلطة وفتح وفي الخارج على تباين مع محور المقاومة والممانعة بالنسبة لما يجري في سوريا والعلاقة مع نظام الرئيس بشار الاسد والجمهورية الاسلامية في ايران واستمرار التباين بين مشروع الاخوان - قطر- حماس- تركيا مع مشروع المقاومة في المنطقة والذي تقوده ايران وحزب الله.
وتؤكد الاوساط ان الخلافات على حالها بين حماس وايران وحزب الله في ملف سوريا والمقاومة في المنطقة لكن التنسيق الاستراتيجي ودعم ايران لفصائل المقاومة في غزة وخصوصاً "كتائب عزالدين" القسام الجناح العسكري لحماس في اعلى درجاته رغم الفتور السياسي والتباعد الايديولوجي الكبير بينهما.
وفي هذا الاطار استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر الاثنين الماضي وفدا من قيادة حركة المقاومة الاسلامية "حماس" برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح عاروري.
وجرى خلال اللقاء البحث في آخر المستجدات في فلسطين والمنطقة، وخصوصا ما يجري الآن في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي، وتم البحث في التعاون الثنائي وتنسيق المواقف تجاه مختلف التطورات. وتقول الاوساط ان ابرز دلالات اللقاء هي التنسيق العالي بين قوى محور المقاومة وخصوصاً في التمسك بخيار المقاومة المسلحة كخيار وحيد لافشال صفقة القرن وإسقاط مؤامرة تهويد الجولان ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا واسقاط حق العودة والضغط السياسي والاقتصادي لفرض التوطين للفسطينيين. كما يأتي اللقاء بين نصرالله والعاروري عشية التصعيد الاسرائيلي تجاه غزة والذي اجبرت المقاومة الفلسطينية العدو على ايقافه بعد 24 ساعة بفعل الصواريخ الدقيقة والمركزة التي طالت المستوطنات والاراضي المحتلة. كما يكتسب اللقاء اهمية كبرى في اظهار التحالف بين حزب الله ومختلف القوى المقاومة في فلسطين والمنطقة وكرأس حربة لمشروع المقاومة في لبنان والمنطقة وفي عز الهجمة الاميركية والاسرائيلية والتحريض والتهديد ضده.
في المقابل تؤكد الاوساط ان جهود حزب الله اثمرت في الملف الفلسطيني لبنانياً ومن خلال اللقاءات الدورية التي تعقد في المجلس السياسي بين مختلف قيادات القوى والفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها فتح وحماس مع مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب النائب السابق حسن حب الله، في ارساء تهدئة بين الفصائل في المخيمات وخصوصاً في عين الحلوة والمية ومية ولا سيما بعد الاحداث الاخيرة والتي خلصت الى تمكين القوة الفلسطينية المشتركة من تكريس الامن وتسليم المطلوبين ومفتعلي المشاكل الى القوى الامنية اللبنانية مع التاكيد على فصل مخيمات لبنان عن الانقسام الحاد بين فتح وحماس وجعل من سفارة فلسطين في بيروت المكان الامثل لحل الخلافات بين مختلف الفصائل رغم اتهام العديد من الفصائل لحماس وفتح بـ"الزكزكة" المستمرة بينهما خلف الاضواء وبشكل غير محسوس الامر الذي يبقي فتيل التوتر حاضراً لاي تفجير امني في المخيمات ولو كان محدوداً!